أنواع الجريمة

أنواع الجريمة
 تتميز الجريمة بمعناها المتقدم عن الجريمة التأديبية و الجريمة المدنية. فالجريمة الجنائية كما رأينا أمر يعتبره القانون مخلا بنظام المجتمع و أمنه فيحدده و يقرر له عقوبة، أما الجريمة التأديبية فهي كل فعل يقع من موظف يتضمن إخلالا بواجبات المهنة أو الوظيفة التي ينتسب إليها، و يقرر القانون لمرتكبها سلسلة من الجزاءات تختلف عن العقوبات كالتوبيخ و الإنذار و استقطاع جزء من المرتب      و الإيقاف. على أنه من الجائز أن يكون الفعل جريمة تأديبية و جنائية في نفس الوقت كالموظف الذي يختلس أموالا للدولة في عهدته. و أما الجريمة المدنية فهي مصدر من مصادر الإلتزام وقد عبر عنها القانون المدني بما نص عليه في المادة 124 ق.م.ج ( كل عمل أيا كان يرتكبه المرء و يسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض ).
و لم يحدد القانون المدني الجرائم المدنية. و إنما إعتبرها قائمة في عمل سبب ضررا للغير و إنما يجب في مثل هذه الحالة أن لا يكون الخطأ واقعا تحت طائلة قانون العقوبات كما في جريمة الإصابة الخطأ. و إلا اعتبر الفاعل مسؤولا من الناحيتين الجنائية و المدنية.

التقسيمات المختلفة للجرائم: تقسيم الجرائم إلى جنايات و جنح و مخالفات تبعا لجسامتها:

تنص المادة 27 الواردة في الكتاب الثاني من قانون العقوبات الجزائري على ما يأتي:
( تقسم الجرائم تبعا لخطورتها إلى جنايات و جنح و مخالفات و تطبق عليها العقوبات المقررة للجنايات أو الجنح أو المخالفات ).
و حددت المادة 5: الواردة في الكتاب الأول من نفس القانون. العقوبات المقررة لكل نوع من هذه الأنواع: الثلاثة فنصت على ما يأتي.
العقوبات الأصلية في مواد الجنايات هي:
1 الإعدام.
2 السجن المؤبد.
3 السجن المؤقت لمدة تتراوح بين خمس سنوات و عشرين سنة.
و العقوبات الأصلية في مواد الجنح هي:
1 الحبس لمدة أكثر من شهرين حتى خمس سنوات فيما عدا الحالات التي يحدد فيها القانون حدودا أخرى.
2 الغرامة أكثر من عشرين ألف دينار جزائري.

و العقوبات الأصلية في مواد المخالفات هي:
1 الحبس من يوم على الأقل حتى شهرين على الأكثر.
2 الغرامة من ألفين إلى عشرين ألف دينار جزائري.
و واضح من هذين النصين أن المشرع الجزائري قسم الجرائم إلى ثلاث فئات:
أولا: الجنايات: و هي الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد   أو السجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشرين سنة.

ثانيا: الجنح: و هي الجرائم التي يعاقب عليها بالحبس أكثر من شهرين      و حتى خمس سنوات أو بغرامة تزيد على ألفي دينار جزائري.

ثالثا: المخالفات: و هي الجرائم التي يعاقب عليها بالحبس من يوم على الأقل حتى شهرين على الأكثر أو بغرامة لا تزيد عن الألفي دينار جزائري.

و يجب هنا مراعاة أن العبرة في تطبيق معيار العقوبة للتمييز بين الجنايات   و الجنح و المخالفات إنما هي العقوبة التي يقررها للجريمة و ليس بالعقوبة التي يحكم بها القاضي.

فإذا إستعمل القاضي سلطته التقديرية في الجريمة المطروحة أمامه لإقترانها بأحد الظروف المخففة، و قضى فيها بعقوبة تدخل في فئة جريمة أخرى فإن هذا لا يغير من نوع الجريمة. و الفئة التي وضعها فيها القانون تبعا للعقوبة التي قررها لها. فمثلا إذا إستعمل القاضي سلطته في تطبيق الظروف المخففة في جنحة السرقة        و قضى فيها بالحبس لمدة شهر واحد و هي عقوبة مقررة للمخالفات، فإن هذا لا يغير من فئة جنحة السرقة و يحولها إلى مخالفة طالما أن القانون قد قرر لها عقوبة تتجاوز الحد الأقصى لعقوبة المخالفات.

و كذلك الحال إذا طبق القاضي ظرف العود في الجريمة المعروضة عليه    ثم حكم عليه بعقوبة الحبس لمدة تعادل ضعف الحد الأقصى المقرر للجريمة و بذلك زادت مدة الحبس من خمس سنوات فإن ذلك ليس من شأنه أن يحول الجريمة من جنحة إلى جناية، أما إذا كان الظرف المشدد الذي إقترن بالجريمة قد حدا بالمشرع إلى تغيير العقوبة المقررة لها من الحبس إلى السجن المؤبد أو المؤقت فإن جريمة الجنحة هنا تنقلب إلى جناية.

أهمية تقسيم الجرائم إلى جنايات و جنح و مخالفات: لهذا التقسيم عدة نتائج هامة هي:
1 تسري أحكام قانون العقوبات الجزائري على الجنايات التي يرتكبها المواطن الجزائري في الخارج دون الجنح و ذلك لخطورتها (المادة582ق إ ج ج).

2 أحكام الشروع تشمل جميع الجنايات، أما الجنح فلا شروع فيها إلا بنص خاص و لا شروع أصلا في المخالفات ( المادة 31.ع.ج ).

3 أحكام العود تطبق على الجنايات و الجنح و المخالفات بشروط تختلف بالنسبة لكل فئة ( المواد من 54 إلى 54 مكرر 10 إلى 59 و المادة 465 ق ع ج).
















تقسيم الجرائم إلى سياسية و عادية: تبعا لطبيعة الحق المعتدى عليه فالجرائم السياسية هي الجرائم الموجهة ضد تنظيم الدولة و مباشرة وظائفها أو ضد الحقوق التي يتمتع بها المواطنون. و بمعنى أوضح هي الجرائم التي تخل بأمن الدولة من جهة الداخل كمحاولة قلب نظام الحكم في الدولة بالقوة أو تغيير شكل الحكومة و كجرائم النشر الموجهة إلى الحكومة و نظامها السياسي و جرائم الإنتخاب. و كذلك الجرائم المخلة بأمن الدولة من جهة الخارج كجرائم الخيانة       و التجسس ورفع السلاح على الحكومة مع عدوها و التخابر مع العدو بقصد تسهيل دخوله إقليم الدولة أو تسليمه مدنا أو حصونا.


الجرائم العادية هي التي ترتكب ضد الأشخاص و ممتلكاتهم بدافع الأثرة     و الأنانية و المنافع الشخصية و دون أن يكون لها هدف أو دافع سياسي و لهذا التقسيم بدوره نتائج هامة هي:

أولا: بالنسبة لمعاملة المجرم السياسي. فقد إنقسم الفقهاء إلى فريقين. فيرى أنصار المذهب الشخصي أنه يجب معاملته معاملة خاصة لكون البواعث التي توحي إليه بإرتكاب الجريمة تختلف تماما عن دوافع المجرم العادي. و إن المجرم السياسي اليوم قد يكون هو الحاكم غدا و على العكس من ذلك يرى أنصار المذهب الموضوعي تشديد العقوبة على المجرم السياسي لخطورة الجرائم التي يرتكبها      و التي لا تقع على فرد أو أفراد بل تصيب الدولة كلها في نظامها وقد تعصف بكيانها و إنتقادها النظرية الشخصية في أنها تعتمد على الباعث و الغاية لتصدير الجريمة السياسية و كلاهما ليس بركن من أركان الجريمة كما أنها تتوسع في تحديد الجريمة السياسية. و قد إتجهت معظم التشريعات الحديثة إلى الأخذ بالمذهب الموضوعي على نحو ما سبقت الإشارة إليه و في مقدمتها التشريع الجزائري.

ثانيا: إن الجريمة السياسية قد يقرر لها القانون عقوبة من نوع خاص كالإعتقال مثلا أو التجريد من الحقوق السياسية.
ثالثا: عدم تسليم المجرم السياسي إلى الدولة التي تطلب تسليمه بخلاف المجرم العادي فإنه يمكن تسليمه. ولم يهتم قانون العقوبات الجزائري بالتفرقة بين الجريمتين العادية و السياسية، ولم يفرد للجرائم السياسية نظاما خاصا للعقاب بل قرر لمعظمها عقوبة الإعدام إذا إرتكبت هذه الجرائم أو شرع في إرتكابها بإستعمال الأسلحة (م 82 ع.ج)، كما نص على معاقبة من يرتكب الخيانة من الجزائريين سواء كان مدنيا أو من رجال القوات المسلحة أو البحرية بالإعدام أو كذلك يعاقب بنفس هذه العقوبة من يرفع السلاح ضد الجزائر أو يتخابر مع العدو (المواد من 61 إلى 76 ع.ج). و بالنسبة للجرائم المخلة بأمن الدولة من جهة الداخل فقد قرر لها المشرع الجزائري أيضا عقوبات مختلفة تصل إلى الإعدام إذا إقترنت بحمل السلاح (المواد من 77 إلى 83 ع.ج) و في المواد من 84 حتى 91 يعاقب على جرائم الإرهاب و التقتيل و التخريب و المساهمة في حركات التمرد بالإعدام.

أما بالنسبة لتسليم المجرمين السياسيين، فقد أخذ قانون الإجراءات الجزائية في الجزائر بمبدأ عدم جواز تسليمهم فنصت المادة 698 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على ما يلي:

لا يقبل التسليم في الحالات الآتية: إذا كانت للجناية أو الجنحة صبغة سياسية أو إذا تبين من الظروف أن التسليم مطلوب لغرض سياسي.

تقسيم الجرائم إلى جرائم عسكرية و جرائم عادية: تبعا لموضوعها و القانون الذي يحكمها: الجريمة العسكرية هي كل فعل معاقب عليه صادر من شخص خاضع لقانون الأحكام العسكرية إخلالا بالنظام العسكري الذي يفرضه عليه هذا القانون، و هي على نوعين:


النوع الأول: جرائم عسكرية بحتة أي تتصل بالنظام العسكري مباشرة       و ليس لها نظير في قانون العقوبات مثل (مخالفة الأوامر) و (عدم الإنقياد)          و الغياب.

النوع الثاني فهو عبارة عن جرائم نص عليها في قانون العقوبات و لكنها تأخذ الطابع العسكري لوقوعها من شخص من العسكريين.

و الجريمة العادية هي كما عرفناها كل فعل أو ترك يجرمه قانون العقوبات          أو القوانين المكملة له و يقرر له عقوبة.

أهمية التفرقة بين الجرائم العادية و الجرائم العسكرية: لهذه التفرقة أهمية خاصة من عدة أوجه:
1 من حيث إختصاص الجهة التي تفصل في كل منها فالجرائم العادية ينظر فيها أمام المحاكم الجزائية ذات الإختصاص العادي بينما الجرائم العسكرية تختص بالنظر فيها المحاكم العسكرية و هي مشكلة من ضباط وفقا للأوضاع المبينة في قانون القضاء العسكري.
2 تطبق على الجرائم العادية نصوص قانون العقوبات و القوانين المكملة له، أما الجرائم العسكرية فيطبق عليها قانون القضاء العسكري.
3 تختلف الإجراءات المنصوص عليها في قانون القضاء العسكري من حيث التخفيق في الجريمة العسكرية من الإجراءات الواردة في قانون الإجراءات الجزائية بالنسبة للتحقيق في الجريمة العادية.
4 بالنسبة للعقوبات فإنه و إن كان قانون الأحكام العسكرية ينص على عقوبات شبيهة بالعقوبات العادية كالإعدام و السجن المؤبد إلا أن هذا القانون ينص على عقوبات أخرى كثيرة لا يعرفها قانون العقوبات: الحرمان من الأقدمية و الطرد من الخدمة.
5 من حيث تسليم المجرمين فهو غير جائز أصلا في الجرائم العسكرية البحتة.

هذه هي التقسيمات الهامة للجرائم و التي لا ترد إلى أي ركن من أركان الجريمة، و هناك تقسيمات أخرى تتصل بالركن المادي للجريمة كتقسيم الجرائم إلى إيجابية و سلبية، و إلى جرائم بسيطة و جرائم الإعتياد و إلى جرائم وقتية        و جرائم مستمرة و كذلك هناك تقسيمات أخرى تتصل بالركن المعنوي للجريمة منها تقسيم الجرائم إلى عمدية و غير عمدية و المتعدية القصد.

الركن الشرعي للجريمة: أنه لا يمكن أن توجد أية جريمة ما إلا بنص في القانون يبين الفعل المكون لها و العقوبة التي يفرضها على مرتكبها. و أن يكون هذا النص نافذ المفعول وقت إرتكاب الفعل ساريا على مكان وقوعه و على شخص مرتكبه.


لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون أو نص: و هذا المبدأ هو من القواعد الأساسية المقررة في التشريع الحديث و يرجع في أساسه إلى العهد الأعظم الذي منحه الملك " جون " للشعب البريطاني عام 1216 م ثم ظهر بعد ذلك في إعلان حقوق الإنسان عام 1789 في أعقاب الثورة الفرنسية و إعتنقته فيما بعد جميع التشريعات و الدساتير في العالم المتحضر.

و قد أخذ المشرع الجزائري بهذا المبدأ في قانون العقوبات فنص في المادة الأولى من القسم الأول منه على ما يأتي: (لا جريمة ولا عقوبة أو تدبير أمن بغير قانون). و في جهات دولية أخرى بغير نص يعني أنه يمكن تجريم الأفعال بنصوص صادرة من غير السلطة التشريعية مثل السلطة التنفيذية و القضاء.

و مؤدى هذا المبدأ هو أن الشارع هو الذي يملك وحده بيان الأفعال المعاقب عليها و تحديد العقوبات التي توقع على مرتكبيها في نصوص قانونية يتحدد بها سلطان القاضي بحيث أنه لا يستطيع أن يقرر عقوبة لفعل لم يرد في القانون نص يعاقب عليه، ولا أن يوقع عقوبة غير منصوص عليها فيه.

و يترتب على هذه القاعدة أن القانون المدون (المكتوب) هو المصدر الوحيد للقانون الجزائي. فالعرف و العادة لا يصلحان مصدرا له سواء في تحديد الجرائم    أو تقرير العقوبات. فإذا لم يوجد نص في القانون يحدد الجريمة و يبين عقوبتها فيجب على القاضي أن يقضي بالبراءة و ليس له أن يأخذ بالقياس في تقرير الجرائم و العقوبات بأن يقيس حالة لم يرد بشأنها نص بحالة منصوص عليها، و في هذا يختلف القانون الجزائي عن غيره من فروع القانون الأخرى كالقانون المدني        و التجاري، حيث يجب على القاضي فيهما أن يفصل في النزاع المعروض عليه بمقتضى العرف أو وفقا لمبادئ العدالة عند عدم وجود نص قانوني، و المقصود بالنصوص التشريعية في قانون العقوبات النصوص الصادرة من السلطة التشريعية أو من سلطة لها اختصاص تشريعي كرئيس الدولة مثلا فإن له أحيانا سلطة إصدار مراسيم لها قوة القانون، كما أن القانون نفسه قد يفوض السلطة التنفيذية في إصدار نصوص أو قواعد تصلح مصدرا للتجريم و العقاب و تسمى باللوائح و هي أقل مرتبة من القانون لأنها تكون محدودة بمسائل معينة و مقيدة بعقوبة خاصة لا يصح أن تتجاوزها و هي في هذا و ذلك خاضعة لرقابة المحاكم فالقضاء له أن لا يطبقها إذا وجد أنها قد خرجت عن نطاق التفويض أو خرجت عن إطار الشريعة الدستورية.

و لكن ما الحكم إذا كان النص الجزائي غامضا؟.

الإجابة على ذلك أنه يتعين على القاضي الجزائي تفسيره وقد يلجأ المشرع نفسه إلى هذا التفسير، و هو ما يسمى بالتفسير التشريعي و يأخذ حكم القانون ذاته دون أية صعوبة أو إجتهاد أما التفسير القضائي فهو الذي يصدر عن القاضي عند الفصل في واقعة معروضة عليه و هناك أيضا التفسير الفقهي الذي يكون وليد إجتهاد الفقهاء و شراح القانون و لتفسير النص يستعين المفسر عادة بالمذكرات الإيضاحية للقانون أو بالأعمال التحضيرية أو المصادر التاريخية للنص لكي يصل إلى مدلوله.

و لكن من المقرر كقاعدة عامة أنه يجب عدم التوسع في تفسير النص الجزائي و هو ما إستقر عليه قضاء محكمة النقض في فرنسا و مصر و المحاكم العليا في مختلف الدول الأخرى و ذلك حتى لا يؤدي التوسع في التفسير إلى الخروج عن قاعدة شرعية الجرائم و العقوبات و خلق جرائم أو عقوبات جديدة لم ينص عليها القانون أو إباحة أفعال جرمها:

و تأسيسا على ما تقدم فإنه لا يجوز الإلتجاء إلى القياس في تفسير النصوص الجزائية أي قياس فعل لم يرد نص بتجريمه على فعل آخر ورد نص بتجريمه. فلا يصح مثلا أن يقاس فعل الإستيلاء على المنفعة الخاصة لشيء مملوك للغير بدون حق و إعتباره في حكم السرقة.
و يرى بعض الشراح أن الغموض قد لا يكون في ألفاظ النص و إنما في علة النص حتى يمكن تطبيق النص على حالات أخرى جديدة لم تكن في ذهن المشرع عند وضعه للنص، لذلك يجب لتحديد علة النص الرجوع إلى الحق الذي وضع النص لحمايته و تحديده بدقة مع تفصيل عناصره حتى يمكن تطبيقه على هذه الحالات و مثال ذلك أن قانون العقوبات الجزائري نص في المواد من 264 إلى 274 على جرائم الضرب و الجرح و على جريمة إعطاء مواد ضارة (م275). ولكن إذا فرض أن الجاني نقل إلى المجني عليه جراثيم أمراض أو وجه إليه حزمة من أشعة ضارة أضرت به و أخلت بالسير العادي لأجهزته الداخلية و ربما نتج عنها عاهة مؤقتة أو مستديمة فإن هذه الأفعال لا تعتبر جرحا أو ضربا، فقد يقال عندئذ أنه لا تجريم على هذه الأفعال ولكن بالرجوع إلى علة النص و بالرجوع إلى الحق الذي تدخل القانون لحمايته وهو حق الفرد في سلامة جسمه و في ضمان السير العادي للجسم فكل فعل يمس هذا الحق يجب إعتباره من قبيل الضرب        و الجرح أو إعطاء المواد الضارة و بذلك تطبق هذه النصوص على الحالات التي لم ترد على ذهن المشرع عند وضعه للنص.

يجب أن يكون النص نافذ المفعول وقت إرتكاب الجريمة: و هذا هو ما يعبر عنه بسريان القانون الجزائي من حيث الزمان أي تحديد الفترة من الزمان التي يكون فيها القانون الجزائي ساري المفعول و واجب التطبيق على من يخالف أحكامه، و هذه الفترة لا صعوبة في تحديدها فالقانون الجزائي يسرى من تاريخ إصداره و نشره في الجريدة الرسمية وقد يحدد القانون ذاته ضمن نصوصه تاريخا معينا لسريانه و العمل به يكون لاحقا لتاريخ نشره حتى يتسنى العلم للكافة و يستمر القانون ساريا من تاريخ نشره أو من التاريخ المحدد العمل به حتى يعدل أو يلغى فإذا ما عدل فإنه يسري على التعديل ما يسري على القانون ذاته فلا يعمل به إلا من تاريخ نشره أو التاريخ المحدد، أما إذا ألغي زال ما كان له من قوة القانون و إمتنع على القضاء تطبيقه. و الإلغاء قد يكون صريحا ينص عليه في قانون لاحق أو ضمنيا بصدور قانون جديد يتضمن أحكاما مخالفة لأحكام القانون السابق عليه.

فالأصل إذن أن القانون الجزائي لا يسري إلا على الجرائم التي تقع في فترة سريانه و العمل به أو بمعنى أوضح أن الجرائم لا يعاقب عليها إلا بمقتضى القانون المعمول به وقت إرتكابها. فلا يجوز أن يحكم على شخص بعقوبة لفعل لم يكن معاقبا عليه وقت إرتكابه ولا أن يحكم على شخص إرتكب جريمة بعقوبة أشد من التي كانت موضوعة له وقت إرتكاب الجريمة لأن القانون الجزائي لا يسري على الماضي ولا ينسحب أثره على الأفعال التي جرمها و التي وقعت قبل صدوره      و العمل به.

و هذه القاعدة هي المعروفة بقاعدة عدم رجعية أثر القانون الجزائي، و هذه القاعدة التي لم يخل منها أي تشريع جزائي في العالم مصدرها الشريعة الإسلامية لقوله تعالى (و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ).

و قد أخذ بها قانون العقوبات الجزائري في المادة الثانية منه و تنص على ما يأتي: ( لا يسري قانون العقوبات على الماضي إلا ما كان منه أقل شدة ).

و لكن الأمر مع ذلك يحتاج إلى تفصيل، فإذا صدر قانون جزائي مفسرا لقانون غامض سابق عليه فإن نصوص هذا القانون المفسر تنسحب على الجرائم التي إرتكبت في ظل القانون الغامض. و لا يقال أن القانون المفسر قد سرى على الماضي لأن التفسير التشريعي لا يعد قانونا جديدا بل يعد جزءا متمما للقانون السابق و مستندا إلى تاريخه.

و كذلك الحال بالنسبة للجرائم التي يبدأ النشاط الإجرامي فيها قبل صدور القانون الذي يجرمه ثم يستمر هذا النشاط بعد صدوره، و هي المعروفة بالجرائم المستمرة. ففي هذه الحالة ينطبق القانون على النشاط الإجرامي الذي بدأ قبل صدوره ولا يقال في هذه الحالة أنه رجع إلى الماضي لأن ذلك النشاط قد تجدد في ظله، و مثال ذلك جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من السرقة فإن هذه الجريمة تستمر طالما إستمر فعل الإخفاء فإذا فرض أن القانون لم يكن يعاقب على فعل الإخفاء وقت أن بدأ ثم صدر نص قانوني يجرمه و إستمر فعل الإخفاء بعد صدوره فإنه يسرى عليه و يعاقب المخفى على جريمة إخفاء المسروقات و لو أنها بدأت قبل سريانه و العمل به.

هذه هي قاعدة عدم رجعية قانون العقوبات، وهو كما قدمنا قانون موضوعي يتعلق بتحديد الجرائم و العقوبات. غير أن هذه القاعدة يرد عليها إستثناء هام نص عليه قانون العقوبات الجزائري في الفقرة الثانية من المادة الثانية منه و التي سبقت الإشارة إلى نصها فيما تقدم و هذا الإستثناء هو أن قانون العقوبات يسري على الماضي إذا كان أقل شدة من القانون السابق عليه الذي وقعت الجريمة في ظله أو بعبارة أوضح إذا كان القانون الجديد أصلح للمتهم و يشترط لتطبيق هذا الإستثناء شرطان:

1 أن يكون القانون الجديد أصلحا للمتهم من القانون الذي وقعت الجريمة في ظله.
2 أن يكون قد صدر قبل الحكم في الدعوى نهائيا.

بالنسبة للشرط الأول فإن القانون يكون أصلحا للمتهم إذا كان يجعل الفعل الذي كان معاقبا عليه في القانون السابق غير معاقب عليه، في القانون الجديد.       أو يقرر له تدبير أمن بدلا من العقوبة أو كان يقرر عقوبة أخف من العقوبة في القانون السابق أو يقرر وجها للإعفاء من المسؤولية دون أن يلغي الجريمة ذاتها. فإذا وقع حجز سداد بدين و إرتكب المدين جريمة تبديد المحجوزات ثم صدر قبل الحكم النهائي في الدعوى قانون يمنع التبديد. و كذلك إذا رفعت الدعوى العمومية على متهم لإمتناعه عن بيع سلعة مسعرة ثم أمر الوزير المختص بناء على تعويض قانوني خاص بحذف هذه السلعة من التسعيرة قبل الحكم النهائي على المتهم فإنه يتعين الحكم ببراءته و هكذا ……………

و بديهي أن التمييز بين العقوبة الأشد و العقوبة الأخف يكون تبعا لنوعها، فالغرامة أخف من الحبس و أخف من السجن، و السجن المؤقت أخف من السجن المؤبد و السجن المؤبد أخف من الإعدام. فإذا تساوت العقوبات في القانونين القديم   و الجديد فالأخف منهما هو الأقل مقدارا في العقوبات المالية و الأقل مدة في العقوبات السالبة للحرية. بديهي أنه لا خيرة للمتهم في القانون الواجب التطبيق عليه إذ أن تعيين القانون الأصلح له هو من عمل القاضي فإذا كان القانون الجديد يخفض الحد الأدنى للعقوبة و يرفع الحد الأعلى، و رأى القاضي أن المتهم يستحق تطبيق الحد الأدنى عليه طبق عليه القانون الذي يخفض هذا الحد و إذا وجد أن القانون الجديد يخفض الحد الأعلى و يرفع الحد الأدنى ووجد أن المتهم جديرا بتطبيق الحد الأعلى طبق عليه القانون الذي يخفض الحد الأعلى لأنه يكون هو الأصلح له.

و إذا إرتكب المتهم جريمة في ظل قانون ثم صدر قانون آخر أصلح له قبل أن تنتهي محاكمته صدر قانون ثالث عندئذ يطبق أصلح القوانين الثلاثة على المتهم. بالنسبة للشرط الثاني من شروط تطبيق الإستثناء فهو أن يكون القانون الأصلح للمتهم قد صدر قبل الحكم نهائيا في الدعوى أي أن لا يكون الحكم على المتهم قد أصبح نهائيا غير قابل لأي طريق من طرق الطعن قبل صدور القانون.   و لكن ما الحل إذا كان القانون الأصلح قد صدر بعد الحكم نهائيا على المتهم و نص على أن الفعل الذي حكم عليه نهائيا من أجله أصبح مباحا غير معاقب عليه؟ تناولت بعض التشريعات هذه الحالة فنصت على أنه يوقف فيها التنفيذ على المتهم إذا لم يكن الحكم قد نفذ و يفرج عنه إذا كان قد نفذ عليه بالحبس، أما الغرامة فلا يجوز له إستردادها و من هذه التشريعات قانون العقوبات المصري في المادة الخامسة منه، أما قانون العقوبات الجزائري فلم يتعرض لهذه الحالة مما يفهم منه أنه ترك الأمر لرئيس الدولة في إستعمال حقه في العفو طبقا لظروف الحال و إنما يجب ملاحظته أنه إذا صدر قانون يجرم فعلا في فترة معينة (كفترة الحرب مثلا) أو لمدة معينة ثم إنقضت هذه الفترة أصبح الفعل غير معاقب عليه، لأن القانون المؤقت قد إنقضى أجله. غير أنه  ..ننننششنشنشنشنرر
أنه إذا كان ثمة شخص قد خالف ذلك القانون المؤقت وقدم للمحاكمة و قبل أن يحاكم إنقضى أجل القانون و أصبح الفعل بمقتضى القانون العادي غير معاقب عليه فإن ذلك لا يمنع من الإستمرار في الإجراءات ضده        و الحكم عليه لأنه خالف القانون المؤقت وقت أن كان نافذ المفعول في الفترة التي كانت محددة له أما إذا إرتكب الشخص الفعل في أثناء هذه الفترة و لم ترفع عليه حتى إنقضت الفترة المحددة لنفاذه فلا يجوز رفع الدعوى على المتهم بعد ذلك إذا صدر قانون يحرم بيع السكر بأزيد من السعر الأصلي الجبرى المحدد له لمدة أسبوع فقط من 7 إلى 14 أكتوبر مثلا فإذا فرض أن شخص باع السكر بأزيد من السعر الجبري المحدد له في يوم 10 أكتوبر ثم رفعت الدعوى عليه ولم يكن قد حكم عليه بعد و إنقضت المدة فإن ذلك لا يمنع من الإستمرار في محاكمته و الحكم عليه في 17 أو 20 أكتوبر أما إذا لم تكن رفعت الدعوى حتى إنقضى يوم 14 أكتوبر فإنه لا تجوز محاكمته و الحكم عليه في يوم 17 و 20 أكتوبر يعد تعسفا في تنفيذ القانون و كذلك يجب أيضا ملاحظة أن قاعدة تطبيق القانون الجديد إذا كان أصلحا للمتهم مقصورا على قانون العقوبات، لأنه كما قدمنا قانون موضوعي. أما بالنسبة للقوانين الشكلية و هي المتعلقة بالإجراءات مثل قانون الإجراءات الجزائية فالقاعدة الأساسية إنما تسري على الماضي كما تسري على المستقبل، و يستثنى من ذلك القواعد المتعلقة بالإختصاص فهي تسري على الماضي طالما الدعوى لم ترفع. أما إذا رفعت الدعوى فإن المحكمة التي رفعت أمامها تظل مختصة ما لم تلغ هذه المحكمة و يوزع إختصاصها طبقا لقانون جديد.

و كذلك إذا صدر حكم في الدعوى و كان هناك طريق طعن أصبح للمتهم حقا مكتسبا لا يمكن أن يسلبه إياه القانون الجديد، ولا أن يخفض مواعيد الطعن كما لو كان القانون القديم يعطي للمتهم الحق في الطعن بالإستئناف في الحكم الصادر ضده خلال عشرة أيام ثم جاء القانون الجديد و ألغى حق الطعن بالإستئناف أو جعل مدته خمسة أيام فقط، فإن هذا لا يسري على المتهم و يكون من حقه الطعن في عشرة أيام طبقا للقانون السابق و قوانين التقادم و هي الخاصة بسقوط الحق في رفع الدعوى ضد المتهم أو سقوط الحكم الصادر ضده، فهي تسري على الماضي إذا كانت أصلحا للمتهم، لأنها أقرب إلى القواعد الموضوعية بإعتبار أنها تؤثر على المركز القانوني للمتهم مباشرة.

يجب أن يكون النص ساريا على مكان وقوع الجريمة و هذا هو ما يعبر عنه بسريان القانون من حيث المكان و القاعدة العامة في القانون الجزائري شأنه شأن سائر التشريعات الأخرى هي أن قانون العقوبات هو قانون إقليمي، أعني أنه يسرى وحده دون غيره في إقليم الدولة و على كل ما يقع فيها من الجرائم و لا يتعدى أثره حدودها لأنه مظهر سيادتها. غير أن هناك حالات إستثنائية خرج فيها المشرع الجزائري عن قاعدة محلية قانون العقوبات وقرر العقاب على بعض الجرائم التي ترتكب في الخارج.

أولا: سريان قانون العقوبات الجزائري داخل حدود الدولة يسري قانون العقوبات الجزائري على سائر الجرائم التي ترتكب داخل الدولة مهما كانت جنسية مرتكبيها. فقد نصت المادة الثالثة منه على ما يلي:" يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب داخل أراضي الجمهورية " و هذا المبدأ هو أحد مظاهر سيادة الدولة على إقليمها و يشمل إقليم الجمهورية الجزائرية ما يأتي:

1 أراضي الجمهورية المحدودة بحدودها السياسية الأربعة.

2 البحار الإقليمية: و هي عبارة عن مياه البحار التي تحد البلاد و ذلك إلى مسافة ثلاثة أميال بحرية و الميل البحري يساوي 1852 مترا و هو ما فعلته الجزائر بمدها 12 ميلا بحريا.

3 الفضاء الذي يعلو إقليم الدولة: يعتبر ملكا لها و يخضع لسيادتها فلا يجوز لطائرة أجنبية أن تمر بهذه المنطقة إلا إذا كان مرورها بإذن خاص من الدولة أو كانت هناك معاهدة تجيز ذلك.

4 بالنسبة للجنايات و الجنح التي تقع على ظهر البواخر فقد نص قانون الإجراءات الجزائية الجزائري في المادة 590 منه على ما يأتي: تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجنايات و الجنح التي ترتكب في عرض البحر على بواخر تحمل الراية الجزائرية أيا كانت جنسية مرتكبها. و كذلك الشأن بالنسبة للجنايات و الجنح التي ترتكب في موانئ بحرية جزائرية على ظهر باخرة تجارية أجنبية وواضح من هذا النص أنه إستثنى السفن الحربية لأنها تعتبر بمثابة قلاع عائمة تمثل سيادة الدولة التابعة لها فهي جزء متمم لهذه الدولة أينما كانت ولا سلطان لأي قانون أجنبي عليها و يكون ما يقع فيها خاضعا لقانون البلد التابعة له حتى لو كانت راسية في ميناء تابع لدولة أجنبية أو سائرة في مياهها الإقليمية. أما السفن التجارية و سفن الصيد و نحوها فإنها إذا كانت في عرض البحر تخضع للدولة التي تحمل علمها في ما يقع فيها من جرائم و لكن بمجرد دخولها في المياه الإقليمية الجزائرية تخضع للقانون الجزائري بالنسبة لأية جريمة ترتكب فيها.

5 بالنسبة للجنايات و الجنح التي ترتكب على متن الطائرات تنص المادة 591 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على ما يأتي " تختص المحاكم الجزائرية بالنظر في الجنايات و الجنح التي تقع على متن الطائرات الجزائرية أيا كانت جنسية مرتكبيها كما تختص أيضا بالنظر في الجنايات و الجنح التي تقع على متن الطائرات الأجنبية إذا كان الجاني أو المجني عليه جزائري الجنسية أو هبطت الطائرة في الجزائر عقب إرتكاب الجناية و الجنحة، و تكون المحكمة المختصة بالجريمة هي مكان هبوط الطائرة في دائرة إختصاصها أو التي قبض فيها على المتهم إذا كان القبض لاحقا لهبوط الطائرة ".

و واضح من هذا النص أن القانون الجزائري يخضع الجنايات و الجنح التي تقع على متن الطائرات الجزائرية لقانون العقوبات الجزائري أيا كانت جنسية مرتكبها و بغض النظر عن الجو التي كانت تحلق فيه وقت إرتكابها، أي حتى ولو كانت تحلق في جو دولة أخرى، و كذلك الجنايات و الجنح التي تقع على متن طائرات أجنبية تخضع أيضا للقانون الجزائري إذا كان المتهم فيها جزائري الجنسية.

و لكن متى تعتبر الجريمة أنها وقعت في الجزائر: تعتبر الجريمة أنها في إقليم الجمهورية الجزائرية إذا وقعت في أي مكان من الأمكنة السابقة ذكرها فيما تقدم على أنه قد يحدث أن لا تقع الجريمة بأكملها في الجزائر بأن يقع جزء من أعمالها التنفيذية في الجزائر و الجزء الآخر في دولة أخرى كفرنسا و إيطاليا أو المغرب، كما لو أراد شخص قتل آخر فأعطاه السم أثناء وجوده في فرنسا و عند عودته إلى الجزائر بدأ مفعول السم يحدث أثره فيه و مات، أو من يرسل من إيطاليا صندوق عبوة ناسفة إلى شخص في الجزائر و عند فتحها ينفجر فيه و يقتله أو من يقف و معه بندقية داخل حدود المغرب ثم يطلقها على غريمة داخل الحدود الجزائرية فيقتله و هكذا فالقاعدة العامة في مثل هذه الحالة أن جريمة القتل تعتبر أنها إرتكبت في كل من الدولتين و تختص كلاهما بمعاقبة الجاني طبقا لقانونها      و كذلك الحال بالنسبة للجريمة المستمرة فإنها تعتبر مرتكبة في كل دولة إستمر فيها النشاط الإجرامي. و في حالة الإشتراك في الجريمة إذا ساعد شخص في فرنسا آخر على الحضور للجزائر و قتل عدوه فيها فسافر إليها و قتله فعلا ففي هذه الحالة تختص المحاكم الجزائرية بمعاقبة الفاعل الأصلي و الشريك بالمساعدة أيضا و إن كان الإشتراك وقع في فرنسا لأن جريمة الشريك تتبع جريمة الفاعل الأصلي أما إذا حصلت المساعدة في الجزائر و القتل في فرنسا فلا إختصاص للمحاكم الجزائرية بمعاقبة الشريك لعدم إختصاصها بمعاقبة الفاعل الأصلي و قد أخذ المشرع الجزائري بهذه القاعدة فنص في المادة 586 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يأتي: " تعد مرتكبة في الإقليم الجزائري كل جريمة يكون عمل من الأعمال المميزة لإحدى أركانها المكونة لها قد تم في الجزائر ".

ثانيا: سريان القانون الجزائري على جرائم تقع في الخارج: يسري قانون العقوبات الجزائري على من يرتكب جريمة في الخارج في الحالات الآتية:

1 إذا كانت بعض الأعمال التنفيذية للجريمة قد تمت في الجزائر على نحو ما سبقت الإشارة إليه فيما تقدم.
2 يخضع لقانون العقوبات الجزائري كل أجنبي " غير جزائري " إرتكب جناية أو جنحة موجهة إلى سلامة الدولة الجزائرية من جهة الخارج و هي المنصوص عليها في المواد من 61 إلى 96 من قانون العقوبات الجزائري و تشمل جرائم الخيانة و التجسس و جرائم التعدي على الدفاع الوطني و الإعتداءات        و المؤمرات، و الجرائم الأخرى التي تمس أمن الدولة و سلامة أرض الوطن و هي جنايات التقتيل و التخريب المخلة بأمن الدولة و جنايات المساهمة في حركات التمرد و الأحكام المختلفة الواردة بالقسم السادس من الفصل الأول من الباب الأول من الكتاب الثالث.

و كذلك يخضع لقانون العقوبات الجزائري كل أجنبي (غير جزائري) إرتكب خارج إقليم الجزائر إحدى الجرائم المخلة بأمن الدولة من جهة الداخل و المنصوص عليها في المواد من 197 إلى 204 كتزييف النقود و الأوراق النقدية المتداولة قانونا في الجزائر. و لكن بشرط أن يقبض على الجاني في الجزائر أو يسلم للحكومة الجزائرية. وقد نص على ذلك في المادة 588 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري و التي تنص على ما يأتي:" كل أجنبي إرتكب خارج الإقليم الجزائري سواء بصفته فاعلا أصليا أو شريكا جناية أو جنحة ضد سلامة الدولة الجزائرية     و كذا تزييف النقود و الأوراق المالية المتداولة في الجزائر يحاكم طبقا لنصوص القانون الجزائري إذا قبض عليه في الجزائر أو سلم للحكومة الجزائرية.

كما تنص المادة 589 على ما يأتي: " لا تجوز محاكمة أجنبي في الجزائر عن جريمة جناية أو جنحة إذا كان قد حوكم من أجلها أمام المحاكم الأجنبية        و إستوفى العقوبة المحكوم بها عليه أو صدر عنه عفو عليه.

و العلة في ذلك أنه لا يتفق مع العدالة أن يحاكم الشخص مرتين عن جريمة واحدة أما إذا حوكم المتهم في الخارج ولم يستوف كامل العقوبة، أو هرب قبل تنفيذها فإنه يجوز محاكمته عنها مرة ثانية في الجزائر ما لم تكن قد سقطت بمضى المدة. هذا بالنسبة للأجنبي، أما الجزائري الذي يرتكب إحدى هذه الجرائم في الخارج التي يعاقب عليها القانون سواء بصفته فاعلا أصليا أم شريكا فإنه يخضع للقانون الجزائري طبقا لنص المادتين 582 و 583 و يمكن محاكمته عليها في الجزائر إذا عاد إليها، ما لم يكن قد حوكم في الخارج عن نفس الجريمة و إستوفى العقوبة المحكوم بها عليه أو صدر له عفو عنها. ولا يجوز أن تقام الدعوى العمومية على من يرتكب جريمة في الخارج إلا من النيابة العامة دون المدعي بالحق المدني.

- يجب أن يكون النص ساريا على شخص مرتكب الجريمة :و هذا هو ما يعبر عنه بمبدأ شخصية القانون الجزائي أو سريانه بالنسبة للأشخاص و القاعدة العامة في هذا الشأن أن قانون العقوبات الجزائري يسري على كل من يرتكب جريمة في الجزائر من الجرائم المنصوص عليها فيه سواء كان وطنيا أو أجنبيا.
غير أن هذه القاعدة ليست مطلقة، فهناك طائفة من الأشخاص معفيون من تطبيق أحكام قانون العقوبات عليهم، و هم:

1 رئيس الدولة: فإن العرف الدستوري يعفيه من الخضوع لأحكام قانون العقوبات و إن كان من الممكن مساءلته طبقا لقوانين خاصة.

2 أعضاء المجالس النيابية: يعفون من تطبيق قانون العقوبات بالنسبة للجرائم القولية أو الكتابية الواردة في قانون العقوبات و بشرط إرتكابها أثناء قيام العضو بعمله في جلسات المجالس التشريعية و مصدر هذه القاعدة العرف الدستوري أيضا.

3 رؤساء الدول الأجنبية و أفراد حاشيتهم و الملوك و رؤساء الجمهوريات: فإذا إرتكب أحدهم جريمة في أرض الدولة لا يجوز لها أن تحاكمه،   و إنما تكلفه بمغادرة بلدها، و يشمل الأعضاء شخص رئيس الدولة الأجنبية زوجته   و باقي أفراد أسرته و خدمه على الرأي الراجح و مصدر هذه القاعدة هو القانون الدولي العام.

4 المعتمدون السياسيون و هم السفراء و رجال السلك الدبلوماسي الذين يمثلون دولهم و أفراد حاشيتهم فلا يجوز للدولة محاكمتهم، بل تبلغ جرائمهم إلى دولهم و تطلب منها سحبهم و يجوز للدولة طردهم إن كان عملهم جسيما.

و تتبع الممثل السياسي في الإعفاء زوجته و أفراد أسرته المقيمين معه      و موظفي دار الوكالة بمختلف درجاتهم و خدم دار الوكالة السياسية.

أما القناصل فإنهم لا يمثلون دولهم أمام الدولة المعينين فيها، و إنما هم يقومون فيها بما توكله إليهم دولهم من الأعمال كوكلاء عنها و لذلك لا يمتد إليهم ذلك الإعفاء بل يخضعون للقانون الإقليمي للدولة إلا فيما يأتيه القنصل أثناء تأدية وظيفته أو بسببها.

5 القوات الحربية الأجنبية: سواء أكانت برية أم بحرية لا تخضع لقوانين الدولة إذا كان مرورها بأراضيها أو وجودها في مياهها بتصريح من الدولة، فإذا كان وجودها بغير تصريح خاص اعتبر إعتداء على سيادتها يجوز دفعه بكافة الوسائل.

و يلاحظ أن الإعفاء لا يكون إلا أثناء قيام القوات المذكورة بعملها الرسمي أو أثناء وجودهم في الصفوف أو داخل المناطق المحددة لهم. فإذا إرتكب العمل المشكو منه خارج المنطقة الخاصة بالقوة و في غير عمل رسمي أعتبر مرتكبه خاضعا للقضـاء الإقليمي. و الطائرات الحربية إذا سمح بدخولها لا تخضع لقضاء الدولة.

الركن المادي للجريمة: هو الفعل الذي تتكون منه الجريمة و تظهر به في حيز الوجود أو بعبارة أخرى هو سلوك إجرامي من الجاني. وقد يكون السلوك إيجابيا أو سلبيا وقد يترتب عليه تحقيق النتيجة التي كان يقصدها فتعتبر الجريمة تامة. وقد لا تتحقق تلك النتيجة فتقف الجريمة عند حد الشروع. و في جميع الأحوال لابد من توافر علاقة السببية بين سلوك الجاني و النتيجة الضارة التي تسببت عنه.

السلوك الإجرامي بطريقة إيجابية: يكون السلوك الإجرامي إيجابيا إذا إستخدم الفاعل فيه أعضاء جسمه كإستعمال ذراعيه في القتل و الضرب و السرقة    و التزوير أو ساقيه في جريمة دخول عقار في حيازة آخر لإرتكاب جريمة فيه أو لسانه في الجرائم القولية كالسب و إفشاء الأسرار و الإتفاقات الجنائية و الإشتراك بالتحريض أو الإتفاق.

و قد يكون السلوك الإجرامي من فعل واحد كما في الجريمة البسيطة سواء أكانت وقتية كالقتل و السرقة أو مستمرة كحبس إنسان بغير وجه حق (مادة 291 ع.ج) أو إخفاء أشياء مسروقة. المنصوص عليها في المادة 387 من قانون العقوبات الجزائري. و غيرها من الجرائم الأخرى التي يقتضي تحقيقها فترة زمنية طويلة.
و قد يتكون السلوك الإجرامي أيضا من عدة أفعال كما في الجرائم المتتابعة و جرائم الإغتيال ففي الجريمة المتتابعة يتكون النشاط الإجرامي من عدة أفعال تجمع بينها وحدة الحق المعتدى عليه ووحدة الغرض الإجرامي المقصود منها كسرقة منزل على عدة دفعات أو تزييف عدة قطع من النقود. و تتميز هذه الجريمة بأن كل أفعالها متماثلة. و يمكن أن يكون كل فعل منها جريمة على حدى. و في جرائم الإعتياد يشترط القانون للعقاب ضرورة توافر ركن العادة أي أن يتكون النشاط الإجرامي من تكرار أفعال لا يعتبر كل منها جريمة على حدى بل يجب أن يتكرر الفعل و لو مرتين على الأقل كجريمة تحريض القصر الذين لم يكملوا الحادية و العشرين على الفسق و إفساد الأخلاق أو تشجيعهم عليه المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري و جريمة الإعتياد على ممارسة التسول المنصوص عليها في المادة 195.

و تظهر أهمية التفرقة بين الجرائم المستمرة و جرائم الاعتياد و الجرائم المتتابعة و بين غيرها من الجرائم في أن سريان تقادم الدعوى العمومية يبدأ من تاريخ آخر فعل في الجرائم المستمرة و جرائم الإعتياد و الجرائم المتتابعة. كما أن بعض الأفعال المكونة لهذه الجرائم قد يتم خارج الجزائر. و يمكن أن يطبق عليها القانون الأشد إذا وقع أخر فعل منها في ظله. أما في الجرائم العادية أو الفردية التي تتم بفعل واحد يبدأ و ينتهي في وقت واحد فإن سريان التقادم فيها يسرى من وقت وقوعها.

هذه هي الصور المختلفة للنشاط الإجرامي الإيجابي في الجريمة التامة و إنما يشترط إلى جانب هذا النشاط تحقق النتيجة المقصودة أي تحقق الإعتداء على الحق الذي يحميه القانون كإزهاق روح المجني عليه في جريمة القتل أو إنتقال حيازة المسروقات إلى الجاني في السرقة،و كذا يشترط أيضا توافر علاقة السببية بين النشاط الإجرامي و بين النتيجة التي حدثت، فإذا إنتفت علاقة السببية بينهما فإن مسؤولية مرتكب الفعل تقتصر على الشروع إذا كانت الجريمة عمدية أما إذا كانت غير عمدية فلا مسؤولية عنها. إلا إذا وقع الفعل تحت نص جزائي آخر كما في جريمة القتل الخطأ.
و من الواضح أنه لا صعوبة في تحديد توافر علاقة السببية بين الفعل       و النتيجة إذا كانت هذه النتيجة قد ترتبت على فعل الجاني وحده كمن يطلق عيارا على شخص فيقتله. و لكن ما الحكم إذا تداخلت عدة عوامل أخرى غير فعل الجاني في إحداث النتيجة كما لو أحدث شخص بآخر جرحا نقل بسببه إلى المستشفى و في أثناء علاجه شب حريق في المستشفى فمات المجني عليه محترقا، كما لو أطلق شخص عيارا على آخر فأصابه إصابة طفيفة و لكن مات على الإثر ذلك لأنه كان مريضا بالقلب و كما لو أحدث شخص بآخر جرحا نقل على إثره إلى المستشفى فأهمل في علاجه و مات نتيجة تعفن الجرح أو مات لإصابته بإلتهاب رئوي، و غير ذلك من الأمثلة العديدة.

تعددت في ذلك أراء الفقهاء. فيرى البعض أن الجاني يسأل عن النتيجة متى كان نشاطه هو السبب الأقوى أو الأساسي في حدوث النتيجة و يعاب على هذا الرأي أنه متى كان للعوامل المتداخلة أثرها في حدوث النتيجة فإنه يصعب تمييز السبب الأقوى.

و يرى البعض الآخر أن جميع العوامل التي تتداخل في حصول النتيجة متعادلة و إنما العبرة بالعامل الأول الذي جعل الأمور تنتهي إلى ما إنتهت إليه و هو فعل الجاني فهو مسؤول عن النتيجة و يؤخذ على هذا الرأي أن تطبيقه يؤدي إلى مسألة الفاعل عن النتيجة أيا كانت العوامل التي تدخلت في إحداثها حتى ولو كانت غير عادية أو نادرة الحصول أو راجعة إلى فعل الطبيعة أو إلى عمل إنسان آخر.

و الرأي الصحيح هو أن تداخل عوامل أخرى غير سلوك الفاعل لا يقطع علاقة السببية متى كانت هذه العوامل متوقعة أو محتملة وفقا للسير العادي للأمور أو كان الضرر الذي وقع نتيجة طبيعية لسلوك الفاعل رغم تدخل هذه العوامل أما إذا كانت النتيجة لا تنسب إلى سلوك الفاعل وفقا للمجرى العادي للأمور بأن كانت مستندة إلى سبب آخر أو كانت ترجع إلى عامل شاذ لا يقع عادة فإن رابطة السببية بين سلوك الجاني و النتيجة التي حصلت تكون غير متوافرة ولا يسأل عنها إلا إذا كونت جريمة أخرى.

السلوك الإجرامي بطريقة سلبية: يمكن أن يكون السلوك الإجرامي سلبيا فيتكون من الإمتناع عن عمل يفرضه القانون و هو سلوك نادر إذ الغالب أن تكون الجرائم إيجابية لأن الشارع ينهي أكثر مما يأمر.

و الجرائم السلبية على نوعين: 1) الجرائم السلبية البسيطة - 2) الجرائم السلبية ذات النتجية.

فالجرائم السلبية البسيطة: هي التي تتم و يستحق عليها العقاب بمجرد إمتناع الجاني عن القيام بفعل معين يتعين عليه القيام به بغض النظر عن حدوث نتيجة معينة عن هذا الإمتناع.

و من ذلك ما نص عليه قانون العقوبات الجزائري في المواد التالية:
المادة 314 و تنص على أن ( كل من ترك طفلا أو عاجزا غير قادر على حماية نفسه بسبب حالته البدنية أو العقلية أو عرضه للخطر في مكان خال من الناس يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات).

و المادة 316 التي تعاقب من ترك طفلا أو عاجزا غير قادر على حماية نفسه بسبب حالته البدنية أو العقلية أو عرضه للخطر في مكان غير خال من الناس يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة.

و المادة 327 التي تنص على أنه ( كل من يمتنع عن تسليم طفل موضوع تحت رعايته إلى من لهم الحق في المطالبة به يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات).

و المادة 330 التي تنص على أن ( أي من الوالدين الذي يتخلى لمدة تزيد على شهرين عن التزاماته الأدبية أو المادية المترتبة على السلطة الأبوية           أو الوصاية القانونية بغير سبب جدي يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين         و بغرامة من 25000 إلى 100000 دج).

و تنص الفقرة الثانية من نفس المادة على أنه يعاقب بنفس هذه العقوبة الزوج الذي يتخلى عمدا و لمدة تجاوز شهرين عن زوجته مع عمله بأنها حامل.
و المادة 331 و التي تنص على أنه ( يعاقب من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات        و بغرامة من 50000 إلى 300000 دج كل من يمتنع عن تقديم المبالغ المقررة قضاءا لإعالة أسرته و عن أداء كامل قيمة النفقة المقررة عليه لمدة تزيد عن شهرين).

و المادة 136 التي تنص على ما يأتي: ( يجوز محاكمة كل قاض أو موظف إداري يمتنع بأية حجة كانت عن الفصل فيما يجب عليه أن يقضي فيه بين الأطراف بعد أن يكون قد طلب إليه ذلك و يصر على امتناعه بعد التنبيه عليه بذلك من رؤسائه، و يعاقب بغرامة من 750 إلى 3000 دينار جزائري و حرمانه من مباشرة الوظائف العامة من خمس سنوات إلى عشرين سنة).

و المادة 109 و التي تنص على أنه ( يعاقب بالسجن من خمسة إلى عشر سنوات الموظفون العموميون و رجال القوة و مندبوا السلطة العمومية و المكلفون بالشرطة الإدارية أو الضبط القضائي الذين يرفضون أو يهملون الإستجابة إلى طلب يرمي إلى ضبط واقعة حجز غير قانوني و تحكمي ).

و المادة 91/1 تنص على عقاب كل شخص علم بوجود خطط أو أفعال لإرتكاب جرائم الخيانة أو التجسس أو ما إليها بالحبس من سنة إلى خمس سنوات   و بغرامة من ثلاثة الآف إلى ثلاثين ألف دينار جزائري إذا لم يبلغ عنها.

و كذلك المخالفة المنصوص عليها في المادة 442/1/3 و هي عقاب كل من حضر ولادة طفل ولم يقدم عنها الإقرار المنصوص عليه في القانون بالحبس من عشرة أيام على الأقل إلى شهرين على الأكثر و بغرامة من 8000 إلى 16000 دينار جزائري.
                 
الجرائم السلبية ذات النتيجة فهي التي يترتب فيها الإمتناع حدوث نتيجة إجرامية و مثالها الجرائم المنصوص عليها في المادة 314/2،3،4 من قانون العقوبات و التي تعاقب على جريمة ترك الطفل أو العاجز في مكان خال من الناس إذا ترتب على هذا الترك أو التخلي مرض أو عجز أو موت و تكون العقوبة في هذه الحالة أشد حيث تصل مدة السجن إلى عشرين عاما.

و كذلك الحال بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في المادة 316/2، 3 ،4       و هي تعاقب على جريمة ترك الطفل أو العاجز في مكان غير حال من الناس إذا ترتب عليه مرض أو عجز و تصل فيها العقوبة إلى السجن لمدة عشر سنوات       و كذلك المادة 269 و التي تعاقب من إمتنع عن تقديم الطعام إلى قاصر لا يتجاوز الخامسة عشرة و ترتب على ذلك تعريض صحته للخطر أو مرضه أو عدم قدرته على الحركة أو عجز و تكون العقوبة الحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من 500 إلى 5000 الآف دينار جزائري.

و يجب هنا أيضا أن تتوافر علاقة السببية بين الإمتناع و بين النتيجة التي حدثت على التفصيل المتقدم في السلوك الإيجابي هذه هي عناصر الركن المادي في الجريمة التامة و هو كما قدمنا النشاط الإجرامي للجاني سواء كان إيجابيا أو سلبيا.

و ننتقل الآن إلى الكلام عن السلوك الإجرامي في الجريمة التي لم تتم و هو المعروف بالشروع في الجريمة.