طرق الطعن في الأحكام الجنائية.

عـنـوان الـبـحـــث: طرق الطعن في الأحكام الجنائية.
المـقـدمـة:

المبحث الأول : طرق الطعن العادية .

المطلب الأول : المعارضة .
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابي .
الفرع الثاني: ميعاد و إجراءات رفع المعارضة .
الفرع الثالث: آثار المعارضة .
المطلب الثاني : الاستئناف .
الفرع الأول: حق و ميعاد وإجراءات رفع الاستئناف

الفرع الثاني: اثر الاستئناف
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف

المبحث الثاني : طرق الطعن الغير العادية .

المطلب الأول: الطعن بالنقض
الفرع الأول: شروط الطعن بالنقض.
الفرع الثاني: أثر الطعن بالنقض
الفرع الثالث: إجراءات الطعن بالنقض
المطلب الثاني : التماس إعادة النظر .
الفرع الأول: شروط التماس إعادة النظر .
الفرع الثاني: آثر التماس إعادة النظر .
الفرع الثالث: إجراءات التماس إعادة النظر .


الخــاتـمـــــــــة.




مـقــــدمــــــــة:


إن الحاجة إلى استقرار الحقوق لأصحابها يستوجب احترام الحكم الصادر من القضاء و عدم إتاحة الفرصة لتجديد النزاع في القضايا التي فصل فيها.
ولكن لحقيقة أن القضاة البشريين غير معصومين من الخطأ، بل حتى لا يستبعد ظلمهم، فقد تكون أحكامهم معيبة من حيث الشكل و على غيرهدى من حيث الموضوع، لسبب يتعلق بالقانون أو بتقدير الوقائع.
ومقتضيات العدالة وواجب ضمان حقوق المتقاضين يقتضيان السماح لمن صدر عليه حكم، يراه مشوبا بعيب من العيوب، أن يطرح النزاع من جديد على القضاء لإعادة النظر في الشيء المقضي، لعله يصل إلى ما يراه أنه الحق و الصواب.
و للتوفيق بين هذين الاعتبارين برزت فكرة الطعن في الأحكام ، وفي بحثنا هذا سنتناول طرق الطعن في الأحكام الجنائية ،وتتمثل في اعتراض الطرق العادية و الطرق الغير العادية فما هي هذه الطرق و الإجراءات؟
المبحـث الأول : طـرق الطعن العاديـة.
المطلـب الأول:   المعـارضـة.
تعتبر المعارضة طريقا من طرق الطعن العادية التي تهدف إلى منع الحكم من حيازة حجية الشيء المقضي فيه و ذلك في حالة صدور الحكم في غياب المتهم .
إن المتهم الذي لم يحضر إجراءات المحاكمة لم يتمكن من تقديم دفاعه و بالتالي لم تستمع المحكمة إلى حججه و يمكن أن يكون سبب تخلفه خارجا عن إرادته و من ثم فان الحكم لا يخضع إلى مبدأ حضورية الإجراءات و مادام التخلف عن الحضور خارجا عن إرادة المتهم فان القانون يرخص له مواجهة هذا الحكم بالمعارضة .
مجال المعارضة :
إن مجال المعارضة هو الجنح والمخالفات أما في مجال الجنايات فان المعارضة يحل محلها إعلان إجراءات التخلف عن الحضور ويحق للمتهم المعارضة في الحكم الصادر ويجوز أن تنحصر هذه المعارضة فيما قضى به الحكم من الحقوق المدنية. (1)
أما المعارضة الصادرة من المدعي المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية فلا أثر لها إلا على ما يتعلق بالحقوق المدنية. (2)
الفرع الأول: متى يعتبر الحكم غيابيا :

تقتضي المعارضة ألا يكون المتهم قد امتنع عن الحضور بإرادته و يعتبر الحكم غيابيا في حالتين :
· إذا تم تبليغ المتهم و لكن لا يوجد دليل يفيد بتلقيه التبليغ .
· إذا تلقى المتهم التبليغ و قدم عذرا مقبولا لعدم الحضور .
تنص المادة 407 من قانون الإجراءات الجزائية على : كل شخص كلف بالحضور تكليفا صحيحا و تخلف عن الحضور يحكم عليه غيابيا .
الفرع الثاني : ميعاد و إجراءات رفع المعارضة :
تقبل المعارضة في مهلة 10 أيام من تاريخ التبليغ الحكم للمتهم .



1-       المادة 409 من قانون الإجراءات الجزائية.
2-       المادة 413 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية.

و تمدد هذه المدة إلى شهرين إذا كان الطرف المتخلف يقيم خارج التراب الوطني. إذا لم يحصل التبليغ لشخص المتهم تعين تقديم المعارضة في المواعيد السابق ذكرها آنفا و التي يسري اعتبارا من تاريخ تبليغ الحكم بالموطن أو مقر المجلس الشعبي البلدي أو النيابة. (1)
إجراءات رفع المعارضة :
يطعن بالمعارضة بتقرير كتابي أو شفوي لكتابة ضبط الجهة القضائية التي أصدرت الحكم الغيابي في مهلة 10 أيام من تاريخ تبليغ الحكم كما تبلغ هذه المعارضة بكل وسيلة إلى النيابة العامة التي يعهد إليها بإشعار المدعي المدني بها و ذلك برسالة مضمنة الوصول و في حالة ما إذا كانت المعارضة قاصرة على ما قضى به الحكم من الحقوق المدنية فيتعين على المتهم أن يقوم بتبليغ المدعي المدني مباشرة بها .
الفرع الثالث : أثار المعارضة :
للمعارضة أثرين هما :
الأثر الموقف :
و مفاده أن المعارضة توقف تنفيذ الحكم لحين الفصل فيها.إلا في حالة وحيدة ذكرتها المادةٍٍِِ 357فقرة 02 و 03 بقولها: و تحكم عند الاقتضاء في الدعوى المدنية و لها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما أن لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة أو الاستئناف .
الأثر الملغي :
و مفاده أن المعارضة تلغي ما قضي به الحكم الغيابي (2) ، حيث أن الجهة التي أصدرت الحكم الغيابي تفصل من جديد في القضية فإذا حضر المتهم إلى الجلسة المحددة فان محاكمته تعتبر حضورية وتسترجع المحكمة حريتها نتيجة إلغاء الحكم السابق بالمعارضة و يمكن لها إلغاء ما قضت به سابقا أو تخفيفه أو تشديده أما إذا لم يحضر المتهم بالجلسة المعلنة فان معارضته تعتبر كأن لم تكن (3 ( .




1-       طبقا لنص المادة 410 و 411 من قانون الإجراءات الجزائية .
2-       المادة 413 من قانون الإجراءات الجزائية.
3-    المادة 413 فقرة 03 من قانون الإجراءات الجزائية.


المطلـب الثانـي:   الاستئناف.
يختلف الاستئناف عن المعارضة من حيث أن الجهة المختصة بنظر القضية هي جهة عليا ويعتبر الاستئناف طريقا من طرق الطعن العادية لإصلاح الحكم عن طريق فحص جديد لموضوع القضية بواسطة جهة قضائية عليا تطبيقا لمبدأ تعدد درجات التقاضي كما أنه وسيلة لمنع الحكم من حيازة حجية الشيء المقضي فيه .
في تشكيل الجهة القضائية الإستئنافية يفصل المجلس القضائي في الاستئناف في مواد الجنح و المخالفات مشكلا من ثلاثة على الأقل من رجال القضاء .
ويقوم النائب العام أو أحد مساعديه بمباشرة مهام النيابة العامة وأعمال قلم الكتاب يؤديها كاتب الجلسة.و إذا كان المستأنف محبوسا تنعقد الجلسة وجوبا خلال شهرين من تاريخ الاستئناف. (1)

مجال الاستئناف :
تكون قابلة للاستئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح و المخالفات إذا قضى بعقوبة الحبس التي تزيد عن 100 دج طبقا لنص المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على أنه تكون قابلة للاستئناف :
الأحكام الصادرة في مواد الجنح, الأحكام الصادرة في مواد المخالفات إذا قضت بعقوبة الحبس أو عقوبة غرامة تتجاوز 100 دينار أو إذا كانت العقوبة المستحقة تتجاوز الحبس خمسة أيام .
كذلك كما نصت المادة 173 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: يجوز للمدعي المدني أو لوكيله أن يطعن بطريق الاستئناف في :
الأوامر الصادرة عن قاضي التحقيق و الأوامر الصادرة بعدم إجراء التحقيق أو بالا وجه للمتابعة أو الأوامر التي تمس حقوق المدعي المدنية غير أن الاستئناف هنا لا يمكن أن ينصب في أي حال من الأحوال على أمر أو على شق من أمر متعلق بحبس المتهم احتياطيا.كما يجوز له أن يستأنف الأمر الذي بموجبه حكم القاضي في أمر اختصاصه بنظر الدعوى سواء من تلقاء نفسه أو بناء على دفع الخصوم بعدم الاختصاص.




1-       المادة 429 من قانون الإجراءات الجزائية.

الفرع الأول: حق وميعاد وإجراءات رفع الاستئناف:
حق الاستئناف :
يتعلق بالمتهم المسؤول المدني وكيل الجمهورية النائب العام الإدارة العامة والمدعى المدني طبقا لنص المادة 417 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على : يتعلق حق الاستئناف : بالمتهم , و المسؤول عن الحقوق المدنية، ووكيل الجمهورية،   و النائب العام , و الإدارات العامة في الأحوال التي تباشر فيها الدعوى العمومية , و المدعي المدني، و في حالة الحكم بالتعويض المدني يتعلق حق الاستئناف بالمتهم و بالمسؤول عن الحقوق المدنية .
و يتعلق هذا الحق بالمدعي المدني فيما يتصل بحقوقه المدنية فقط .
ميعاد الاستئناف :
يرفع الاستئناف في مهلة 10 أيام من تاريخ النطق بالحكم الحضوري طبقا لنص المادة 418 فقرة 01 من قانون الإجراءات الجزائية و التي تنص على : يرفع الاستئناف في مهلة عشرة أيام اعتبارا من يوم النطق بالحكم الحضوري .
غير أن مهلة الاستئناف لا تسري إلا اعتبارا من التبليغ للشخص أو للموطن و إلا فلمقر المجلس الشعبي البلدي أو للنيابة العامة بالحكم إذا كان قد صدر غيابيا أو بتكرر الغياب حضوريا في الأحوال المنصوص عليها في المواد 345 و 347 فقرة 01 و 03 و المادة 350 وهذا طبقا لنص المادة 418 فقرة 02 من قانون الإجراءات الجزائية .
و في حالة استئناف أحد الخصوم في المواعيد المقررة يكون للخصوم الآخرين مهلة 05 أيام إضافية لرفع الاستئناف. (1) هذا بالنسبة للخصوم أما فيما يخص السيد وكيل الجمهورية أو النائب العام فيكون ميعاد الاستئناف في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم. (2)

تنص المادة 426 أنه إذا فصلت المحكمة في طلب إفراج مؤقت وفقا للمواد 128 129 130 تعين رفع الاستئناف في مهلة 24 ساعة. و يظل المتهم محبوسا ريثما يفصل في استئناف وكيل الجمهورية وذلك في جميع الأحوال حتى تستنفذ مهلة ذلك الاستئناف . و يرفع الاستئناف في أوامر قاضي التحقيق في ظرف 03 أيام من تبليغ الأمر إلى المتهم و يتم ذلك أمام غرفة الاتهام.(3)

1-       طبقا لنص المادة 418 فقرة03  من قانون الإجراءات الجزائية .
2-       المادة 419 من قانون الإجراءات الجزائية.
3-    المادة 172 فقرة02  من قانون الإجراءات الجزائية.


إجراءات رفع الاستئناف :
يرفع الاستئناف بتقرير كتابي أو شفوي بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه بالاستئناف و يعرض على المجلس القضائي.(1)

يرفع وجوبا تقرير الاستئناف و يجب أن يوقع عليه من قبل كاتب الضبط و من المستأنف نفسه أو محاميه أو وكيل خاص مفوض عنه بالتوقيع و في الحالة الأخيرة يرفق التفويض بالمحرر الذي دونه الكاتب و إذا كان المستأنف لا يستطيع التوقيع ذكر الكاتب ذلك.(2)
إذا كان المتهم محبوسا جاز له كذلك أن يعمل تقرير استئنافه في المواعيد المنصوص عليها في المادة 418 لدى كاتب دار السجن حيث يتلقى و يقيد في الحال في سجل خاص و يسلم إليه إيصال عنه و يتعين على المشرف رئيس مؤسسة إعادة التربية أن يرسل نسخة من هذا التقرير خلال أربع وعشرين ساعة إلى قلم كتاب الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه و إلا عوقب إداريا.(3)
و يجوز رفع الاستئناف بعريضة تودع بكتابة الضبط المحكمة في المواعيد المنصوص عليها لتقرير الاستئناف و يوقع عليها المستأنف أو محاميه أو وكيل خاص مفوض بالتوقيع و ترسل العريضة و كذلك أوراق الدعوى لمعرفة وكيل الجمهورية إلى المجلس القضائي في أجل أقصاه شهر.
و إذا كان المتهم مقبوضا عليه يحال في أقصر مهلة و بأمر من وكيل الجمهورية إلى مؤسسة إعادة التربية بمقر المجلس القضائي.(4)
في إجراءات الاستئناف أمام المجلس القضائي :
نظمتها المواد 430 431 432 433 من قانون الإجراءات الجزائية :
يفصل في الاستئناف في جلسة بناء على تقرير شفوي من أحد المستشارين و يستجوب المتهم و لا تسمع شهادة الشهود إلا إذا أمر المجلس بسماعهم . و تسمع أقوال أطراف الدعوى حسب الترتيب الأتي: المستأنفون فالمستأنف عليهم و إذا ما تعدد المستأنفون و المستأنف عليهم فللرئيس تحديد دور كل منهم من إبداء أقواله. و للمتهم دائما الكلمة الأخيرة.(5)

1-       طبقا لنص المادة 420  من قانون الإجراءات الجزائية .
2-       المادة 421 من قانون الإجراءات الجزائية.
3-    المادة 422  من قانون الإجراءات الجزائية.
4-    المادة 423 من القانون الإجراءات الجزائية.
5-    المادة 431 ن قانون الإجراءات الجزائية.


إذا رأى المجلس أن الاستئناف قد تأخر رفعه أو كان غير صحيح شكلا قرر عدم قبوله و إذا ما رأى أن الاستئناف رغم كونه مقبولا شكلا ليس قائما على أساس قانوني قضي بتأييد الحكم المطعون فيه. (1)
أما إذا كان الحكم باطلا بسبب مخالفة أو إغفال لا يمكن تداركه للأوضاع المقررة قانونا و المترتب على مخالفتها أو إغفالها البطلان فان المجلس يتصدى و يحكم في الموضوع. (2)
يجوز للمجلس بناء على استئناف النيابة أن يقضي بتأييد الحكم أو إلغائه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه.ليس للمجلس إذا كان الاستئناف مرفوعا من المتهم وحده أو من المسؤول عن الحقوق المدنية أن يسيء حالة المستأنف.و لا يجوز له إذا كان الاستئناف مرفوعا من المدعي المدني وحده أن يعدل الحكم على وجه يسيء إليه.ولا يجوز للمدعي المدني في دعوى الاستئناف أن يقدم طلبا جديدا و لكن له أن يطلب زيادة التعويضات المدنية بالنسبة للضرر الذي لحق به منذ صدور حكم محكمة الدرجة الأولى.
الفرع الثاني: أثر الاستئناف :
يترتب على الاستئناف أثران :
الأثر الموقف و الأثر الغير الموقف :
للاستئناف أثر موقف للتنفيذ إلا في الحالات المنصوص عليها في المواد 357فقرة 02 و 03 بقولها: و تحكم عند الاقتضاء في الدعوى المدنية و لها أن تأمر بأن يدفع مؤقتا كل أو جزء من التعويضات المدنية المقدرة كما أن لها السلطة إن لم يكن ممكنا إصدار حكم في طلب التعويض المدني بحالته أن تقرر للمدعي المدني مبلغا احتياطيا قابلا للتنفيذ به رغم المعارضة أو الاستئناف و في المواد 365 بقولها: يخلى سبيل المتهم المحبوس احتياطيا فور صدور الحكم ببراءته أو بإعفائه من العقوبة أو الحكم عليه بالحبس مع إيقاف التنفيذ أو بالغرامة و ذلك رغم الاستئنافما لم يكن محبوسا لسبب آخر.و كذلك الشأن بالنسبة للمتهم المحبوس احتياطيا إذا حكم عليه بعقوبة الحبس بمجرد أن تستنفذ مدة حبسه الاحتياطي مدة العقوبة المقضي بها عليه.



1-       طبقا لنص المادة 432  من قانون الإجراءات الجزائية .
2-       المادة 438 من قانون الإجراءات الجزائية.

و المادة 419 بقولها: يقدم النائب العام استئنافه في مهلة شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم و هذه المهلة لا تحول دون تنفيذ الحكم و المادة 427 بقولها: لا يقبل استئناف الأحكام التحضيرية أو
التمهيدية أو التي فصلت في مسائل عارضة أو دفوع إلا بعد الحكم الصادر في الموضوع و في الوقت نفسه مع استئناف ذلك الحكم .
ليس للاستئناف المرفوع من طرف المتهم ضد الأوامر المتعلقة بالحبس المؤقت أو الرقابة القضائية أثر موقف. (1)

الأثر الناقل :
يترتب على الاستئناف أثر ناقل و معنى ذلك أن الاستئناف يحيل القضية إلى جهة عليا تعيد من جديد الإجراءات وتقيم العناصر القانونية والموضوعية للقضية ولا يترتب هذا الأثر الناقل إلا في حالة اتصال الجهة العليا بالاستئناف مع الملاحظة أن الاستئناف لا يلغي الحكم و إنما يحيله إلى جهة عليا في الحدود .
الفرع الثالث: حدود سلطة جهة الاستئناف:
هناك حدود معينة تترتب على نقل القضية إلى جهة الاستئناف التي يجب عليها مراعاتها :
لا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لوقائع غير تلك التي أحيلت إلى القاضي الأول حيث توسع جهة الاستئناف في مجال الوقائع الأخرى يترتب عليه حرمان المتهم من درجة من درجات التقاضي و هذا ما يسمى بعدم جواز إثارة طلبات جديدة في الاستئناف .
تتقيد جهة الاستئناف بموضوع الاستئناف بحيث يحق للمستأنف رفع الاستئناف لجزء من الحكم فمثلا إذا رفع المحكوم عليه بالحبس و الغرامة استئنافه حول الحبس فلا يجوز لجهة الاستئناف التعرض لموضوع الغرامة .
لا يحق لجهة الاستئناف الإساءة إلي مركز المستأنف وذلك بإصلاح الحكم بكيفية مخالفة لمصالحه سواء كان المستأنف هو المتهم أو المدعي المدني أو المسؤول عن الحقوق المدنية وعليه فإذا كان المتهم هو المستأنف ولم تستأنف النيابة العامة فلا يجوز لجهة الاستئناف الإساءة إلى مركزه بتقرير عقوبة أشد أو تغيير وصف الجريمة إلى وصف أشد كما أنه لا يجوز لها إساءة مركز الطرف المدني أو المسؤول المدني في حالة استئنافهما .
أما في حالة ما إذا قامت النيابة العامة بالاستئناف فيجوز للمجلس أن يقضي إما بتأييد الحكم أو إلغائه كليا أو جزئيا لصالح المتهم أو لغير صالحه. (2)

1-       طبقا لنص المادة 172 الفقرة الأخيرة من قانون الإجراءات الجزائية .
2-       المادة 433 من قانون الإجراءات الجزائية.

وهناك حالة فريدة تقع غالبا يجب الإشارة إليها وتتمثل في كون الطرف المدني هو المستأنف الوحيد لحكم قضى ببراءة المتهم إن مثل هذا الاستئناف ينصب فقط على الدعوى المدنية ومادامت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الجزائي فان الدعوى العمومية تكون قد انقضت فكيف تفصل جهة الاستئناف في هذا الاستئناف؟
في هذه الحالة تقوم جهة الاستئناف بالتحقق من وجود عناصر الجريمة تأسيسا على أن الدعوى المدنية لا تكون مقبولة إلا إذا كانت ناشئة عن الجريمة فإذا ما تبين لجهة الاستئناف ارتباط بين الضرر المطلوب جبره و الجريمة فانه لا يجوز لها معاقبة المتهم و إنما يحق لها فقط منح التعويضات للطرف المدني وهذا المبدأ استقر عليه الفقه .










المبحـث الثـانــي : الطرق الغير العادية.

المطلـب الأول:   الطعن بالنقض.
بداهة أن لا يهدف الطعن بالنقض إلى إعادة النظر في القضية التي سبق الفصل فيها أمام المحكمة العليا ، و إنما يرمي إلى النظر فيما إذا كانت الجهات القضائية المختلفة قد طبقت النصوص والمبادئ القانونية بصفة سليمة في الأحكام الصادرة منها ، سواء تعلقت المخالفة بالموضوع أو بالإجراءات ، مع تسليمها بالوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه .
الفرع الأول : شروط الطعن بالنقض
أطر المشرع رفع دعوى الطعن بالنقض بجملة من الضوابط و الأحكام على أكثر من صعيد فمن حيث الأحكام التي يجوز الطعن فيها فقد خص هذا الطعن فقط بالأحكام النهائية الصادرة عن المجالس القضائية و المحاكم بجميع أنواعها. أي الأحكام التي لا تقبل الطعن فيها إما لصدورها نهائية من محكمة الدرجة الأولى أو المحكمة الاستئنافية و إما أنها صدرت ابتدائية لكن فات ميعاد الاستئناف فصار نهائيا و لا يقبل إلا الطعن بالنقض أو الالتماس بإعادة النظر.
أما من جهة الخصوم فيشترط أن يكون الطاعن طرفا في الخصومة أمام الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه كما لا يحق لخصم أخرج من الدعوى قبل صدور الحكم أن يطعن فيه بالنقض.
كما يجب أن يكون للطاعن مصلحة في طعنه أخذا بالقاعدة الأساسية أن المصلحة هي مناط أي طلب،
و للمحكمة العليا كامل الصلاحية في قبول أو رفض الطعن متى تبين لها عدم توافر مصلحة للطاعن .
وفي الحقيقة أن مفهوم المصلحة ليس بمفهوم ثابت أو مستقر بل يجب تبيانه على أسس وقائع الدعوى
و ظروفها.



و على رافع الدعوى أن يستند إلى حق مركز قانوني فيكون الغرض من هذا الطعن حماية هذا الحق.
و من بين أهم الشروط كذلك هو توافر للطاعن أهلية الطاعن وقت رفع الطعن فيقع الطعن باطلا إذا دفع ممن لا تتوافر له هذه الأهلية ، ولو كان حائزا لها عند قيام الدعوى و على العكس يصح الطعن ممن تتوافر له هذه الأهلية ولو كان فاقدا لها وقت قيام الدعوى .
أما من حيث الحالات الواجب توفر أحدها على الأقل للقيام بالطعن بالنقض فقد حددها القانون في :
مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ،ومعنى مخالفة القانون هو إغفال وترك الحكم المطعون فيه في إعمال نص من النصوص القانونية الصريحة ،أما الخطأ في تطبيق القانون فيكون بتطبيق الحكم المطعون فيه على وقائع الدعوى قاعدة قانونية غير القاعدة الواجبة التطبيق   في هذا الصدد .
أما الخطأ في تأويل القانون يكون بإعطاء النص الواجب التطبيق غير معناه الحقيقي سواء بإساءة الفهم الصحيح للنص أو بمخالفة إرادة الشارع المستقاة من روح التشريع و حكمته.
و كذلك من أبرز الحالات هي عدم اختصاص الجهة القضائية ،و الطعن بعدم اختصاص الجهة القضائية بإصدار الحكم المطعون فيه أي بفقدان اختصاصها بنقل الدعوى هو في حقيقته طعن بمخالفة هذه القواعد،
و توزيع الاختصاص لا يتعلق بمصلحة الخصوم أنفسهم، وإنما يتعلق الأمر بتوزيع القضاء بين مهنيه كما يتعلق بترتيب طبقات كل جهة و قدرة كل منها على الحكم فيما اختصت به و بملائمة المواعيد
و الإجراءات التي تتبع أمام كل منها لنوع القضايا التي تختص بها.
وبخصوص تجاوز حدود السلطة، فيعتبر القاضي أنه قد تجاوز حدود سلطته إذا عمل ما لم يكن ليعمله و إذا لم يعمل ما وجب عليه عمله وهو بهذا المعنى أعم من عدم الاختصاص.
وعلى الجهات القضائية التصدي له من تلقاء نفسها ولو لم يثره صاحب الشأن، ومن أمثلة تجاوز السلطة نذكر ـ الحكم بإبطال الشفعة دون طلب من الخصوم. (1)



1-       قرار المجلس الأعلى للقضاء رقم 58037 الصادر بتاريخ 1990/01/08 المجلة القضائية_2_ ص66_ 70 .

الفرع الثاني : آثار الطعن بالنقض
أهم أثر أنه ليس للطعن بالنقض أثر موقف إلا استثناء و يكون ذلك إما بحكم القانون إذا تعلق الأمر بحالة الأشخاص أو أهليتهم، فمن غير المعقول السماح لامرأة بزواج ثان بموجب حكم قابل للإلغاء.وكذلكفي حال وجود دعوى تزوير فرعية ما نصت عليه المادة 238ق.إ.م.ج.
أو بحكم القضاء، إذا قضت الجهة القضائية المصدرة للحكم بوقف تنفيذه، وذلك في حال وجود نص صريح يسمح بذلك. (1)
ومن الآثار أيضا الفصل في أوجه الطعن مع التركيز على أن المحكمة العليا هنا تقوم فقط بالتحقق من صحة تطبيق القانون و مراعاة الإجراءات الجوهرية .
و إذا انطوى الطعن على تعسف فإنه يجوز للمحكمة العليا أن تحكم على الطاعن بغرامة مالية تتراوح بين 100 و 1000دج لصالح الخزينة .
علاوة على التعويضات التي يمكن أن يطلبها المطعون ضده ما جاء في المادة 271 ق.إ.م.ج.
الفرع الثالث : إجراءات الطعن بالنقض
يرفع الطعن بالنقض بعريضة مكتوبة موقع عليها من محامي مقبول أمام المحكمة العليا،وينبغي أن تتضمن هذه العريضة البيانات اللاّزمة كاسم و موطن و مهنة كل الخصوم و ترفق بصورة رسمية من الحكم المطعون فيه وتحتوي على موجز للوقائع و الأوجه المبنى عليها الطعن و تودع العريضة بقلم كتابة المحكمة العليا لقاء إيصال و يكون للطاعن كذلك ،إضافة للعريضة أن يدع مذكرة إضافية يشرح فيها طعنه خلال شهر من إيداع العريضة.



1-       قرار المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 1984/04/02 المجلة القضائية عدد 20 ص 57. 1989.

المطلب الثاني:   التماس إعادة النظر في الأحكام
    التماس إعادة النظر هو طريق غير عادي للطعن في حكم نهائي يرفع إلى نفس الجهة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
الفرع الأول: شروط التماس إعادة النظر
يجب أن يكون الحكم محل الالتماس بإعادة النظر غير قابل للطعن بطريق المعارضة و الاستئناف أي أن يكون نهائيا.
علاوة على استناده على سبب من الأسباب التي سنتناولها بإفادة مختصرة ،كعدم مراعاة للإشكال الجوهرية قبل أو حين صدور الحكم المطعون فيه بطريق الإلغاء وهذا شريطة أن يكون بطلان هذه الإجراءات قد وقع تصحيحها من أطراف الخصومة. وأيضا أن يحكم بما لم يطلب أو أكثر مما طلب أو تخلى الحكم عن الفصل في احدى الطلبات فالأصل أن القضاء لا يقضي إلا فيما يطلب منه.وكذا إذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير على الحكم ،والغش يشمل جل أنواع التدليس والمفاجآت و الوسائل التي يستعملها خصم في مواجهة خصمه بقصد تضليل الجهة القضائية و إيقاعها في الخطأ كمنع الخصم من وصول التبليغ إلى المبلغ إليه أو إذا اتفق مع محامي خصمه على خيانة موكله أو استخدام وسائل الإكراه لمنع خصمه من إبداء دفاعه أو حلف اليمين المتممة كذبا .
وأيضا إذا كان الحكم محل الالتماس مبنيا على وثائق اعترف أو صرح بعد صدور الحكم بشأنها أنها مزورة، وكذلك بأن يكشف ملتمس إعادة النظر بعد الحكم وثائق قاطعة في الدعوى كانت محجوزة عند الخصم و يشترط أن تكون الوثيقة التي حصل عليها الملتمس قاطعة في الدعوى أنه لو كانت قد قدمت فيها لتغير حتما اتجاه رأي الجهة القضائية فيما قضت به وأن تكون قد حجزت أثناء نظر الدعوى بفعل الخصم الآخر و أن تكون قد حجزت حجزا ماديا بمعرفته و يشترط أن يكون الملتمس على علم بوجود الورقة تحت يد خصمه، كذلك إذا وجدت في الحكم نفسه نصوص متناقضة أو كان منطوقه متناقضا بعضه لبعض ومثال هذه الحالة أن تقضي الجهة القضائية ببطلان عمل الخبير وتستند في ذات الوقت إلى ما جاء في تقريره أو تقضي بالمقاصة و تحكم في ذات الوقت بإلزام المدعى عليه بدفع الدين.
وأخيرا هو أن يصدر الحكم على شخص ناقص الأهلية ولم يكن ممثلا صحيحا في الدعوى. (1)

1-       الدكتور ظاهري حسين: الإجراءات المدنية الموجزة في التشريع الجزائري.دار الأيام.17 مارس 1999. الجزائر.
الفرع الثاني: آثار التماس إعادة النظر
من بين أهم الآثار أنه ليس للالتماس أثر موقف حسب نص المادة 199 فقرة 2 إضافة إلى عرض الالتماس أمام الجهة القضائية المصدرة للحكم لاشتراط أن يستند الالتماس إلى أحد الأسباب المحددة قانونا.
وفي حال رفض الالتماس يجوز للجهة القضائية أن تحكم على الطاعن بغرامة لا تقل عن 100
دينار جزائري بالنسبة للمحكمة ولا تقل عن 500 د.ج إذا كان الرفض من المجلس القضائي .
دون إغفالا التعويضات التي قد يطلبها المطعون ضده.
 الفرع الثالث: إجراءات التماس إعادة النظر
   يرفع الالتماس بتكليف بالحضور أمام المحكمة التي أصدرت الحكم بالأوضاع المعتادة لصحيفة افتتاح الدعوى و يجب أن تشمل الصحيفة على بيان الحكم الملتمس فيه و أسباب الالتماس.
كما يجب رفع دعوى الالتماس بإعادة النظر خلال شهرين من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه مع مراعاة أحكام المواد 104ـ105 ق.إ.م جزائري.
و تنظر الخصومة في الالتماس على مرحلتين إذ يتعين على الجهة القضائية أولا أن تتحقق من أن الطعن بالالتماس قد وقع في ميعاده صحيحا من الناحية الشكلية و متعلقا بحكم نهائي و مبنيا على أحد الأسباب التي نص عليها القانون الواردة على سبيل الحصر التي سبقت الإشارة إليها،و للجهة القضائية أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم قبول الالتماس إذا ظهر لها أنه لم يبين سبب من الأسباب التي حصرها القانون . وتنتهي هذه المرحلة إما بالحكم بعدم قبول الالتماس أو تحكم بقبوله ، ويترتب على هذا الحكم زوال الحكم الملتمس فيه واعتباره لم يوجد لكن في حدود ما رفع عنه الطعن و زوال كافة الآثار القانونية التي ترتبت على قيامه.
أما المرحلة الثانية فهي الحكم في موضوع الدعوى من جديد و تحديد الجهة القضائية جلسة للمرافعة في الموضوع دون الحاجة إلى تبليغ جديد. (1)
  

1-       الدكتور بوبشير محند أمقران: قانون الإجراءات المدنية (نظرية الدعوى- نظرية الخصومة- الإجراءات الاستثنائية). د.م.ج. بن عكنون الجزائر.


الـخـــاتــمـــــة:



و في الختام و كقاعدة عامة القرار الإداري واجب الاحترام من جانب المخاطبين به و الجدير بالذكر أن الإدارة تتمتع بامتيازات معينة تجعلها في مركز يعلو علي الأفراد.
و تظهر هذه الامتيازات في سلامة القرارات الإدارية، حيث يفترض سلامة كل قرار إداري صادر من الإدارة حتى يثبت عكس ذلك.






قائمة المصادر و المراجع:

1- الدكتور بوبشير محند أمقران: قانون الإجراءات المدنية (نظرية الدعوى – نظرية الخصومة – الإجراءات الاستثنائية). د.م.ج بن عكنون الجزائر.

2- الدكتور طاهري حسين: الإجراءات المدنية الموجزة في التشريع الجزائر ي- دار الأيام- 17 مارس 1999، الجزائر